اسئلة مشروعة حول حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني
الحقيقة ان حقوق الانسان اقدم بكثير من الحضارة الغربية ... فهي فكرة إنسانية ساهمت فيها كل الحضارات بلا استثناء وقد ذكرنا سابقا ان نشأة حقوق الانسان ارتبطت بظهور الدولة في بلاد اليونان وفي مصر وفي بلاد العراق القديمة قبل ان تحدث بها الأديان السماوية تطورات جوهرية .. تلك الديانات التي نزلت كلها ببلاد المشرق فلا يمكن ان تدعي حضارة ما او منطقة جغرافية من العالم انها صاحبة الفضل في تقديم فكرة حقوق الانسان للبشرية بل ان المعايير الدولية لحقوق الانسان التي نتحدث عندها الان غالبا ما نجد لها جزور في الحضارات القديمة والأديان السماوية فالحق في الكرامة والمساواة حق متأصل نادت به الديانة الإسلامية وقيم التسامح وقبول الاخرين مبادئ أساسية قامت عليها الديانة المسيحية وغيرها الكثير من الأفكار التي نجد لها جزور في أفكار بوذا وزرادشيت وغيرها من الديانات القديمة .
س2: هل حقوق الانسان زريعة للتدخل في الشئون الداخلية للدول؟
ان حقوق البشر اهم بكثير من ان تترك لأهواء حكام مجانين او دول مستبدة ... فكرة عالمية حقوق الانسان وقبلها انسانيتا تفرض علينا الدفاع عن حقوق البشر فوق أي ارض وفي أي زمان... فالمجازر التي تحدث في فلسطين مثلا لا يمكن التعامل معها علي انها شأن داخلي فلسطين – إسرائيلي ففضح مثل هذه الانتهاكات ورفضها بكل قوة هو واجب علي كل صاحب ضمير يقظ أي كان موطنه وطالما التزمنا في رفضنا هذا بالقانون والسلمية فلا يحق لاحد إعاقة مساعينا في انصاف المظلومين في أي دولة كانت ,ومع ذلك لا يسعنا ان ننكر ان هناك بعض الدول تستخدم حقوق الانسان كزريعة لانتقاد دول اخري ولتصفية حسابات سياسية بينهم ولكن هذا لا ينفي أهمية الدور الذي تلعبه حركة حقوق الانسان العالمية في خدمة البشرية بأكملها .
س 3 : هل حقوق الانسان ضد الدين ؟
حقوق الانسان ليست بديلا عن الأديان او في صراع معها فهي مجرد فكرة ومبادئ جاءت للدفاع عن حقوق البشر في حياة كريمة فحقوق الانسان فكرة عالمية اعتمدت علي روافد من كل الأديان والثقافات لتخلق ارضا مشتركة نستطيع ان نقف جميعا عليها ... حقوق الانسان لا تعادي الدين ... أي دين فهي التي تقدس حق الانسان في الاعتقاد وفي ممارسة شعائره الدينية بكل حرية وفي احترام مقدساته فكيف تكون ضد الدين ؟ ان حقوق الانسان تجرم التعذيب فهل جاءت الأديان بغير ذلك ؟ حقوق الانسان تحض علي التسامح والاخاء بين البشر فهل خالف حقوق الانسان الأديان في هذا ؟ الحقيقة ان حقوق الانسان قد تتعارض مع بعض رجال الدين المتشددين والذين يتبنون أفكار ظلاميه تهدم ولا تبني ,تفرق ولا تجمع ولكن الفرق شاسع بين الدين وبين رجال الدين .
س 4 : لماذا تحصل منظمات حقوق الانسان علي تمويل خارجي ؟
مثل الحكومات التي يكون لديها خطط وبرامج للتنمية ولا تملك موارد مالية لتنفيذها فأنها تلجا للاقتراض او لقبول منح من دول اخري فان منظمات حقوق الانسان في أي منطقة من العالم تحتاج للموارد المالية لتنفيذ أنشطتها وللحفاظ علي استمرارية وجودها ورغم ان الأساس في العمل في تلك المنظمات هو التطوع الا ان تعقد الحياة العصرية اصبح يتطلب توافر خبرات ومهارات معينة قد لا تتوافر في متطوعين فتلك المنظمات قد تحتاج لمترجمين او باحثين محترفين او خبراء دوليين في فرع معين من فروع القانون الدولي او محاميين متفرغين لتقديم الدعم القانوني المجاني لمن يحتاجه .. كل هؤلاء يتاجون لأجور ولاماكن يمارسون منها أعمالهم , اما عن سبب تلقي منظمات حقوق الانسان لتمويل اجنبي فهو انعدام التمويل المحلي لها فثقافة المجتمع لا يزال يغلب عليها فكرة العمل الخيري فيصعب اقناع شخص ان يتبرع لصالح منظمة من منظمات حقوق الانسان ويفضل ان يتبرع بأمواله لمكان اخر يقدم كساء او غذاء للمحتاجين , اضف لهذا ان الدور الذي تلعبه منظمات حقوق الانسان في الدفاع عن حقوق المواطنين يجعلها في حالة عداء مع السلطة في كثير من الأحيان تلك السلطة التي تستطيع بسهولة الضغط علي المتبرعين خاصة رجال الاعمال لوقف تبرعاتهم لتلك المنظمات .بالإضافة الي ان هذا التمويل الذي تتلقاه منظمات حقوق الانسان يكون بعلم الدولة ويخضع لأشرافها المباشر فأي منظمة تحصل علي تمويل بدون علم وموافقة الحكومة يتم تطبيق القانون عليها فورا ومحاسبة المسئولين داخلها .
س 5 : هل تشوه منظمات حقوق الانسان سمعة البلاد في الخارج ؟
الحقيقة ان هذا الاتهام الذي تتعرض لها منظمات حقوق الانسان هو اسخف الاتهامات قاطبة .. فقط نريد ممن يدعون ان منظمات حقوق الانسان تشوه سمعة البلاد الإجابة عن سؤال واحد: من الذي يشوه سمعه البلاد اكثر ؟ السلطة التي تعزب المواطنين ام المنظمة التي تدافع عن الضحايا؟ الشرطي الذي يسحل متظاهر بالشارع ام من يدافع عن حق هذا المتظاهر في المعاملة الإنسانية؟ ان السادة الذين يخشون من الضجيج الذي تحدثه منظمات حقوق الانسان لا يريدون المحافظة علي سمعة البلاد كما يدعون ولكن يريدون ان يرتكبوا جرائمهم في صمت فلا يعترض عليهم احد ... ان تحسين سمعة البلاد لن يأتي بدفن الرؤوس في الرمال والادعاء بان كل شيء علي ما يرام ولكن بمواجهة تلك الانتهاكات والقضاء عليها ومحاسبة المجرمين حتي يتحقق الردع فلا يجرؤ احد علي انتهاك حقوق المواطنين .